السبت، 5 نوفمبر 2016

منى الجهني 

تمييز النسبة:
والمراد به رفع إبهام ما تضمنه من نسبة عامل؛ فعلًا كان أو ما جرى مجراه، أو وصفًا، أو اسم فاعل إلى معموله من فاعل ومفعول به، وهو على قسمين: محول أو غير محول.
وهو أنواع:
الأول: محول عن فاعل: كما في قول الله تعالى: { وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: 4]والأصل: اشتعل الرأس 

بالشيب، فنسبة الفعل (اشتعل) إلى (الرأس) غامضة غير ظاهرة، ونحتاج لشيء يرفع هذا الإبهام، 

فإذا قلنا: (شيبًا) فقد زال هذا الغموض وعُرِفَ المعنى المراد، وهو امتلاء الرأس بالشيب، وهو 

تمييز محول عن الفاعل؛ لأن الأصل: اشتعل شيبُ الرأسِ

واشتعل

فعل ماض مبني على الفتح.

الرأس

فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

شيبًا

تمييز منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
الثاني: محوّل عن المفعول: نحو قول الله تعالى: { وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} [القمر: 12] فالنسبة بين الفعل 

(فجرنا) و(الأرض) نسبة غامضة تحتاج إلى ما يوضحها ويرفع إبهامها: لا ندري فجرت بالبراكين 

ام بالمعادن، فإذا قلنا (عيونًا) زال هذا الإبهام؟ وحدد نوع التفجير، وهذا التمييزمحول عن مفعول؛ 

لأن الأصل فيه: وفجرنا عيونَ الأرض، ومثله: غرست الحديقة وردًا، قرأت الكتاب أبوابًا.

قال ابن مالك:


وَالْفَاعِلُ المَعْنَى انْصِبَنْ بِأَفْعَلَا



مُفَضِّلًا كَأَنْتَ أَعْلَى مَنْزِلَا([7])

الثالث: محول عن المبتدأ: وذلك بعد أفعل التفضيل، نحو قول الله تعالى: { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا}[الكهف: 34]، وقولك: أنا أكثر منك تجربة، فالأصل: تجربتي أكثر من تجربتك،ومالي أكثر من مالك، ومنه – أيضًا – قوله تعالى: { وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف: 34] والأصل: نفري أعزّ.
وهو الذي ليس منقولًا عن شيء، ويغلب أن يقع في أسلوبين إنشائيين:
1- أسلوب التعجب في صيغتيه القياسيتين (ما أفعله، أفعل به) مثل: ما أكرمك أبًا! وأكرم بك أبًا!
-         وقد يقع في عبارات تعجبية متداولة، مثل: لله درك شاعرًا! وويحك رجلًا! ويا لك أستاذًا! ويا حسنها ليلةً!
يا

أداة نداء.

حسنها

حسن: منادى منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وهو مضاف، و(ها): ضمير مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

ليلة

تمييز منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
والذي يؤكد أن هذا التمييز غير محول أنه يجر بـ: (من) أحيانًا، والتمييز المحول لا يقبل دخول (من).
وعليه، فنقول في الجمل السابقة: ما أكرمك من أب! ولله درك من شاعر!
2- أسلوب المدح والذم، نحو قول الله تعالى: { بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}[الكهف: 50].
بئس

فعل ماض مبني على الفتح لإنشاء الذم، والفاعل ضمير مستتر يفسره التمييز.

للظالمين

اللام حرف جر، الظالمين: اسم مجرور بحرف الجر، وعلامة جره الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم والجار والمجرور متعلق بـ: بئس.

بدلًا

تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
* ويأتي كذلك في مواضع أخرى، مثل: امتلأ الإناء ماءً، ومنه قوله تعالى: {وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} [الكهف: 18]، ومثل: نعم زيد عالمًا.
* التمييز لا يتقدم على عامله؛ لأنه مثل النعت في الإيضاح، والنعت لا يتقدم على عامله([8]).
* التمييز قد يأتي للتوكيد، ولا يأتي لبيان الذات، نحو قوله:


وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ



مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ الْبَرِيَّةِ دِينَا

ونحو قوله:


وَالتَّغْلَبِيُّونَ بِئْسَ الْفَحْلُ فَحْلُهُمُ



فَحْلًا وَأُمُّهُمُ زَلَّاءُ مِنْطِيقُ

   - فكلمة (دينًا) و(فحلًا) لم تأت لبيان معنى جديد، ولكنها جاءت للتوكيد. قال سيبويه: إن (فحلًا) حال وليست تمييزًا.
- والشواهد على جواز المسألة كثيرة، فلا حاجة إلى التأويل، ودخول التمييز في باب نعم وبئس أكثر من دخول الحال.
* الحال قد تأتي مؤكدة، مثل: { الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: 60] فكلمة (مفسدين) حال من الواو في (تعثوا) والعثو: هو الفساد، فالحال مؤكدة؛ لأنها لم تأت بمعنى جديد، فالعثو هو الإفساد.
الخلاصة:
 أن التمييز: هو اسم نكرة بمعنى (من) مبين لإبهام الاسم قبله أو الجملة.
حكمه: النصب.
أنواعه: 1- تمييز مفرد أو الذات: وهو ما جاء ليميز لفظًا من ألفاظ المقادير كالكيل، أو الوزن، أو المساحة.
- أو ما جاء لما يشبه المقدار، لتمييز كم الاستفهامية والخبرية.
- ما دل على مماثلة أو مغايرة أو لبيان جنس الاسم قبله.
2- تمييز نسبة: وهو محول عن فاعل، أو مفعول، أو مبتدأ، أو غير محول.


وقد سبق الشرح والأمثلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق